الحمد لله
الذي قرب الغرباء وجعلهم من الأتقياء ،
وسيحشرهم مع الأنقياء ، الحمد لله الذي نادى الغرباء
بخير جنة في العلياء وأحلى حلة في عنان السماء ليرتقو فوق الجوزاء ، الذي سمك لهم السماء ،
وأجلى لهم معالي الحسن والبهاء ،
وعظيم متأمل بعد التعب الرخاء، الذي وعدهم بحورية حسناء ، وجنة عرضها كعرض الأرض والسماء
ثم الصلاة والسلام على سيد الغرباء النجباء ،
والصحابة العظماء والمتقين الأوفياء
وبـــــــــعد
سوف أحكي لكم قصة وكيف أذلها ربي ...
خرجت من بيتي يوما
للبحث عن أمر عزيز على كل نفس ،
فالسعيد هو من أكل من كد يده وسعى للقمة عيشه ،
فرفعة الشهم برفعة نفسه عن سفاسف الناس أو عظمائهم أعطوه أو منعوه، خرجت ولا أحب الخروج من بيتي
الذي أكن له كل الود والحنان ، كيف لا وهو الذي يسمع أنين بكائي ويستر من الناس عورتي ،
وهذا كله بعد المسبب لها وهو الله الذي جل شأنه وعزجلاله ، المهم ..
ركبت القطار متجه نحو المدينة …!
في القطار موت ليس كالموت وهدوء بدون صوت ،
قل أعوذ برب الفلق
أشباح تسير أم أنا في نومي ما زلت أحلق وأطير،
حككت عيني وطعنت بظفري عنقي لعلي
أفيق من هذا الكابوس المزعج ، فلم ألاحظ إلا وأنا أصيح وعيون الناس ترمقني ،
واثكلا أمهاتكم لم تنظرون إلي هكذا؟ ،
لم يضربوا بالأيادي على الأفخاذ
لأنني لم أكن في صلاة بل كنت في دنيا دهمائها دهماء ودورها مكسوة بكل جفاء دعك من الفلسفة ،
وأحكي ما هذا القطار :
قطاريؤدي
إلى وسط المدينة وجنة الناس الحزينة ، فيها الشيطان باسط ذراعيه يقول
هلموا إلي كلٌ يجد هنا متاعه ، قل أعوذ بر الشياطين العابرة
والليالي النادرة والأهواء الداعرة ..
نزلت من القطار، وسرت وعين الناس ترمقني ،
أي أرهابي هذا في دواخلهم يرددون ،
أي متخلف هذا بالكلام ينعتون ، وأنا أقول لنفسي ليت لي
من القدرة لأدخل يدي في جنتهم الحزينة وأنتشلكم فردا فردا
أنا ألأن في وسط المدينة
سرت
في الطرقات ، تارة أغض بصري وأخرى تغلبني نفسي ، وخير الذين زلت بهم
الأقدام هم التوابون ، ترى هناك البنايات الشاهقة ، والمحلات العامرة ،
والزخارف المتناثر، من طرف الطريق ضحكات للنساء ، ونعيم دنيا عوراء ،
كستهم بحللها وأغمستهم في وحلها ، فلا ذكر تذكروه ولا حياء اكتسوه..
وفي نفس الطريق ترى من أنزلت عبراتها بالبكاء تـُرى مالذي أبكى هذه وأضحك ضحك فاحشة تلك ؟
سرت حيران أغض طرفي إن بدت لي أحداهن بالحسن الحسان وأنا أتفكر في تلك التي تبكي
وفجئة أسمع قائلا يقول قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعوه ، عجبا عجاب
من أين أتى هذا الصوت الندي و الكلام العلي ، وهذا التعبير الطري
إن له لطراوه وإن عليه لطلاوة وإنه عذب النداوة..
أدركت بأني غرست سماعة في أذني وداعي الله يرتل كلام ربي ،
يا الله كم حياتي مع الله جميلة ..
نعود إلى ذلك الشارع المشئوم !!
نساء
كاسيات عذرا بل قل عاريات وعليهن رقع من الأقمشة ، ورجال لا دين ولا ملة
ولا رقي ولا تحية ، كالجثث الهامدة والصفائح الباردة ، لانور في وجوههم
ولا حياء تعتليهم ، سود في الصحائف ولا يعرفون المصاحف ، ضلمات مكدرة
وليالي في الظلام مبحرة ، عشقوا ذل الدنيا فأذلتهم ، وتناسوا أمر ربهم
فأركستهم ، مساكين يعيشون وهم السراب المتسرب والغبار المتصبب ، من على
هضاب أول مكذب ، يا قوم أأنتم تتنفسون
يا قوم أأنتم سوف تبعثون ؟؟
طبعا فلا مجيب لأني كنت لنفسي خطيبا ، وعندهم عجيبا ، سرت
أعد الشوارع عدا وأتلوا الأرقام تلوا ، مجنون يتخبط أم تائه يتغمط سرت وحدي غريبا
سرت والدرب جديدا
سرت لا أنظر وهما
وحياتي ترقب عيدا
